وفى قوله تعالى: «فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» تحذير من وساوس الشيطان، الذي يعمل بكل حوله وحيلته، على أن يغوى المستقيم، ويضل المهتدى، فليس لهجماته على الإنسان موعد، بل إنه هو الذي يتخيّر الفرصة المواتية، ويتفقد أضعف المواقع فى الإنسان لينفذ إليه منها، ويعمل أسلحته فيها.
وليس مثل زلّة من عرف الحق، وارتفعت لعينيه أمارات الهداية، وأعلام الهدى.. إنّها زلّة مزلزلة، وسقطة قانلة، قلّ أن يسلم منها الإنسان إلا إذا استجمع كل قوته وإرادته، وإلا إذا استدعى غائب رشده، وعازب حكمته، وإلا إذا ذكر أنّه إنسان مهيأ للسموّ، بما فيه من نفحات علوية من عزيز حكيم، منه تستمد العزة والحكمة.. فليطلبهما الإنسان فى هذا الموطن، الذي إن استسلم فيه للهزيمة هوى إلى مرتبة الحيوان، وإن جاهد وانتصر ارتفع إلى ما فوق الإنسان!.
الآية: (210) [سورة البقرة (2) : آية 210]
هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (210)
التفسير: الاستفهام هنا إنكارى، يجرى مجرى النفي، أي ما ينظرون إلّا أن يروا بأعينهم اليوم الموعود، أي يوم القيامة، حيث يتحقق لهم ما هم فى شك منه، ويومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون، فقد جاءتهم البينات على يد رسل الله الكرام، تبدد كل ضلال، وتفضح كل باطل، ولكنهم أصمّوا عنها آذانهم، وأغلقوا دونها قلوبهم!.